أخبار عربية وعالميةعاجل

كلمة دولة فلسطين بمناسبة إحياء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطينى للسفير مهند العكلوك السفير المناوب لمندوبية دولة فلسطين 

 

 

 

 

متابعة نعمات عطية

رئيس مجلس الإدارة

 

القاهرة 29 نوفمبر 2021

جامعة الدول العربية

معالي السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية

أصحاب السعادة مندوبي الدول الأعضاء الشقيقة

السيدة إيلينا بانوفا ممثلة الأمم المتحدة

السيدات والسادة الحضور

قبل أربعٍ وسبعين سنة، تعرض الشعب الفلسطيني إلى ظلم تاريخي فظيع، يوم أن أقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في حينه تقسيم فلسطين وشرعنة سرقتها من شعبها العربي الحضاري الأصيل، من خلال القرار 181 الذي مثل حلقة من مؤامرة معقّدة، كانت صدىً لتصريح بلفور المشؤوم قبلها بثلاثين عاماً. حينها قررت “الدول المتحضرة” أن ترمي كرة اللهب باتجاه فلسطين، وأن يدفع الشعب العربي الفلسطيني فاتورة جرائم لم يرتكبها.

وبعد ثلاثين سنة، عندما صارت الأمم المتحدة أكثر تحضراً، أدركت أنها ارتكبت خطيئة بحق الشعب الفلسطيني، فأقرت اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، والذي نحييه اليوم هنا في جامعة الدول العربية، كما في الشتات ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، والعواصم والمدن حول العالم.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة الحضور،

أنقل أليكم في كلمتي رسائل شعبِنا وقيادته في يوم التضامن:

هناك في القدس، عاصمة دولة فلسطين، تشن إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، على مدار 54 سنة، حرباً شاملة تستهدف سرقة وتشويه الهوية والتاريخ والثقافة والرواية الفلسطينية، في باطن الأرض كما في ظاهرها. وتتصاعد السياسات والممارسات الممنهجة للاحتلال الإسرائيلي لتهويد المدينة المقدسة وتغيير تركيبتها الديمغرافية ومكانتها القانونية والتاريخية، والمساس بمقدساتها الإسلامية والمسيحية، وطمس هويتها العربية، من خلال الاستيطان الاستعماري، وجدار الفصل العنصري، وهدم المنازل، وسحب الهويات، والتهجير القسري لأهل المدينة، هذه الممارسات التي تشكل مجتمعة جريمة تطهير عرقي تُرتكب على مرأى ومسمع العالم، ونشهد تجلياتها واضحة في حي الشيخ جراح وبلدة سلوان والبلدة القديمة وباقي أحياء القدس.

وهناك في أرض فلسطين المحتلة، نصحو كل يوم على عدوان إسرائيلي جديد، وإعلان جديد عن بناء مئات وآلاف الوحدات الاستيطانية، تضاف إلى 275 مستوطنة وبؤرة استيطانية غير قانونية، يستوطنها أكثر من 700 ألف مستوطن إسرائيلي من الإرهابيين واللصوص الذين يحرقون أشجار الزيتون ويعتدون على البيوت الآمنة، ويروعون الأطفال والنساء والشيوخ، تحت حماية ورعاية جيش الاحتلال الإسرائيلي. وتهدف هذه السياسة إلى الاستيلاء على 65% من أرض الضفة الغربية المحتلة، وضمها والتوسع فيها، ما يحول دون إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافياً.

وهناك في ظلمات سجون الاحتلال، حيث مرّ عليها أكثر من مليون و70 ألف فلسطيني، وما زال يقبع فيها قرابة 5000 أسير فلسطيني، منهم مئات الأطفال والنساء والمرضى وكبار السن، وقد قضى الأسير البطل نائل البرغوثي 42 عاماً في الأسر وما يزال. ويُكافح الأسرى السياسات القمعية والتعسفية التي تمارسها سلطات الاحتلال ضدهم، بما فيها سياسة الاعتقال الإداري بدون محاكمات أو اتهامات، ويبلغ عدد المعتقلين إدارياً اليوم حوالي 500 أسير فلسطيني.

وهناك في قطاع غزة، يعاني 2 مليون فلسطيني من حصار إسرائيلي خانق، أرهق الناس عدواناً متكرراً وظروفاً معيشية قاسية، في مسعى لتركيع الشعب الفلسطيني وإسكات نضاله ومقاومته.

وهناك في الشتات ومخيمات اللجوء الفلسطينية يعيش حوالي 6.5 مليون لاجئ فلسطيني مازالوا يتمسكون بحقهم في العودة إلى قراهم ومدنهم التي هجّرتهم منها العصابات الإرهابية الصهيونية خلال النكبة عام 1948. وتعاني وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من نقص حاد في مواردها يهدد قدرتها على مواصلة تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين وفق قرار تفويضها من الأمم المتحدة رقم 302 لعام 1948.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،

لقد أسست إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، نظام فصل عنصري ضد الشعب الفلسطيني، بشهادات خبراء في القانون الدولي ومؤسسات دولية مثل هيومان رايتس ووتش ومنظمة الإسكوا. ولقد ارتكبت إسرائيل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية معروضة على المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق فيها، وإنهاء حصانة المسؤولين الإسرائيليين وإنصاف الضحايا.

وبينما يقوم الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني بفرض وقائع استعمارية عنصرية على الأرض، فإن التضامن مع الشعب الفلسطيني لا يجبُ أن يقتصر على الأقوال والخطابات والقرارات التي لا تجد آليات للتنفيذ. بل يجب أن يرتقي هذا التضامن إلى مستوى يمكن من خلاله وضع حد للجرائم والانتهاكات الإسرائيلية بحق الإنسان الفلسطيني، ويجبر إسرائيل على إنهاء احتلالها لدولة فلسطين، ويُمَكن الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره.

إن التضامن مع الشعب الفلسطيني ينبغي أن يأخذ الأشكال العملية التي يفهم من خلالها الاحتلال الإسرائيلي بأن المجتمع الدولي لم يعد يطيقه أو يتسامح مع جرائمه.

وفي هذا السياق، فإننا نطالب الدول والبرلمانات والشعوب ومنظمات المجتمع المدني بأن تقاطع منظومة الاحتلال، ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي.

ومن نحيّي حركة المقاطعة BDS، ونحيّي كل فنان حرّ يرفض المساهمة في تجميل وجه الاحتلال الإسرائيلي، ونحيّي كل كاتبة عندها من الإنسانية ما يكفي لأن ترفض عرض كتبها في دولة الاحتلال، ونحيّي كل سيدة جميلة رفضت أن تتسابق مع نظيراتها بتنظيم من دولة ليس فيها من الجمال إلا ما يماثل قتل الأطفال وحرق الأشجار وبناء الحواجز والجدران، ونحيّي كل شركة سحبت استثماراتها من منظومة الاحتلال، ونحيّي كل إنسان خرج إلى الشوارع في أنحاء العالم حاملاً علم فلسطين ومتضامناً مع شعبها وهاتفاً بقوة ضد الاحتلال وممارساتها العنصرية.

كما نتوجه إلى كل دولة تقول أنها تؤيد حل الدولتين، وتسعى لإحلال السلام في المنطقة، وتُعلي قيم ومبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان، ولكنها لم تعترف بفلسطين، ندعوها للانسجام مع هذه القيم والمبادئ وإعطاء فرصة حقيقية للسلام، من خلال الاعتراف بدولة فلسطين. وفي هذا السياق ندعو دول الاتحاد الأوروبي للاستجابة إلى نداءات شعوبها وبرلماناتها وأن تسارع إلى الاعتراف العملي بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،

وبما أننا اليوم نحيي التضامن مع فلسطين من جامعة الدول العربية، التي حملت القضية الفلسطينية قضيةً مركزيةً على مدار أكثر من سبعة عقود، وساندت دولها الأعضاء الشقيقة حقوق الشعب الفلسطيني بثبات واستمرار، وأدانت العدوان والاحتلال الإسرائيلي في كل مناسبة، وثمّ تبنت السلام كخيار إستراتيجي من خلال مبادرة السلام العربية لعام 2002، وعلى أساس القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، فإننا نقدر لكم تلك المواقف القومية التاريخية، ونؤكد لكم بأن إسرائيل لم ولا تستحق التطبيع والمكافآت، لأنها لم تفِ بشروط السلام ولم تدفع ثمنه ولم تتجه نحوه، بل إنها مازالت تحتل أراضي العرب وتسرق تاريخهم في فلسطين، وتسلب مواردهم هناك، وتنتهك مقدساتهم بإمعانٍ وإصرار، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، مسرى ومعراج النبي محمد عليه الصلاة والسلام.

أصحاب السعادة، السيدات والسادة،

لقد حذر السيد الرئيس محمود عبّاس في خطابه الأخير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، من أن استمرار الاحتلال الإسرائيلي سيكون له ثمناً لن تتحمله فلسطين لوحدها، ولقد قدّم خطته لتحقيق السلام على أساس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، من خلال دعوته المتكررة لمؤتمر دولي يُطلق عملية تفاوضية جادة على أساس المرجعيات الدولية المعتمدة لعملية السلام، تفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد استقلال دولة فلسطين، وما زلنا بانتظار تحقيق هذه الرؤية، لكننا لن ننتظر إلى الأبد.

ختاماً، أصحاب السعادة، السيدات والسادة،

فإن الشعب الفلسطيني لن ينهزم في معركة الحرية، ولن يرفع الراية البيضاء في وجه العنصرية الإسرائيلية البغيضة، ولن يتوقف عن النضال حتى إنجاز حقه في الحياة الكريمة في دولة سيدة مستقلة.. كانت تُسمى فلسطين، صارت تُسمى فلسطين، وستظل تُسمى فلسطين.

شكراً للأمانة العامة على ترتيب هذا التضامن، وشكراً لحضوركم وتضامنكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock
%d مدونون معجبون بهذه: