عاجلمقالات

عودة المدرسة إلى المدرسة  :  أ.د محمد عبدالسلام العجمي وكيل كلية التربية  الأسبق – جامعة الأزهر                

 

 

مدرسة غائبة وعودة مأمولة

متى تعود المدرسة إلى المدرسة ؟

متى ينسب النجاح إلى المدرسة ؟

أين المدرسة من التربية ؟

وأين المدرسة من التعليم ؟

لمن ينسب نجاح الناجحين وتفوق المتفوقين في الثانوية العامة ؟

هل للدروس الخصوصية الحاضرة وهي ممنوعة ؟ ( هل نكرهها ولا نقدر على بعدها ؟ )

هل ينسب النجاح لأولياء الأمور الكادحين : ماديا ونفسيا ؟

هل ينسب النجاح لأولادنا المأزومين نفسيا وعصبيا وكأن لسان حالهم : في الثانوية أكون اولا أكون . حياة او موت .

ألقاه في اليم مكتوفا وقال إياك إياك أن تبتل بالماء .

الحقيقة أننا أمام مدرسة غائبة وعودة مرتقبة . ( باعتراف أوائل الجمهورية )

إذا غابت المدرسة فمن لتشكيل وعي طلابنا ؟

متى تقوم المدرسة بدورها ؟

متى تخدم المدرسة وطنا وترتقي بمجتمع وتنهض بفضيلة ؟

من لغرس القيم وتنميتها ؟

من لبناء الحس الجمالي ؟ ( في ظل تربية فنية غائبة : تدريسا وممارسة )

من لتكوين الوعي الديني الوسطي المنضبط ؟ ( في ظل دين لايضاف للمجموع ومقرر لايدرس وكتاب لايفتح من طالب يصارع الزمن لدقيقة تأتي بدرجة يرجو بها نجاة ….)

من لتكوين الوعي الديني الذي يمثل حراسة للفضيلة ووقاية من الرذيلة . وأمانا للنفس وسكينة للقلب .

من لبناء الضمير ( في ظل غش مترامي الأطراف متعدد المظاهر والأهداف …..)

من لتكوين الوعي البيئي ( في ظل بيئة مفترى عليها : تُربةً وماءً وهواءً و……)

من لاكتشاف الموهوبين ورعاية النابغين ؟

من للأخذ بيد الضعفاء والعاجزين ؟

من لبناء الثقافة ورعايتها ؟

من لبناء الأجيال ؟

من لقيم المواطنة والانتماء ؟

إذا غاب المعلم أو غُيب فمن لبناء الأوطان ؟! .

من لصناعة الإنسان ؟!

من لتشكيل الضمير الإنساني ؟!

النجاح والدرجات مسؤولية من ::

مع الواقع التعليمي المؤلم :

للأسف يبدو ان التعليم ( أقصد تحصيل الدرجات والمرور من عنق الزجاجة – إلى غير أين ؟ –

يبدو أن المسؤولية فيه ثلاثية الأبعاد :

البعد الأول :

الدروس الخصوصية :

البقاء فيها للأقوى

البقاء فيها للمعلم المتمرس في فهم طموحات او أطروحات او تحديات الوزارة .

( يبدو أن التطوير في عقل المسؤولين . وعلى المعلمين فك الألغاز . ومعرفة خارطة الطريق الموصلة إلى تحصيل الدرجات . وهنا يكون البقاء او الفناء للسناتر ومسنتريها )

والعجيب أن الدروس الخصوصية حاضرة مع منعها وموجودة مع تجريمها .

والحاجة إليها في ازدياد كالماء المالح تماما …

وبالمناسبة : لن تنتهي الدروس الخصوصية إلا إذا عادت المدارس

فمن لأولادنا إذا أغلقت المدارس وأغلقت السناتر . والبقاء للأقوى حضورا وفائدة .

والبقاء للأكثر واقعية .

والبقاء لمن يقدم خارطة الطريق وكلمة المرور ( كل هذا طبعا للأسف )

البعد الثاني في المسؤولية عن النجاح وتحصيل الدرجات : الطالب الهمام ومن سماته أنه :

طالب : سباح ماهر يجيد العوم والغوص .

طالب : طيار يحسن الطير في الهواء والسير على الماء .

طالب : يمتلك القدرة على التحدي حتى للنفس .

طالب : شعاره إني نذرت للرحمن صيام عام واستعددت له أعواما .

طالب يصوم عن الرياضة والثقافة وعن جميع احتياجاته ومتطلبات تكوينه ( مكتفيا برياضة التجوال بين السناتر : صباحا ومساءً وليلا ونهاراً )

ومن الثقافة يكفيه : سبر أغوار المقررات وفك ألغاز الامتحانات التي لم يسبقها شرح وتفصيل وبناء وتكوين وإعداد وتدريب بفصول أنفقت عليها الدولة الملايين والمليارات ……

فهل الامتحانات غاية .

هل يوجد صعود بغير مصعد .

طالب : ينسى الإبداع فلا مجال ولا مكان . فالفرض عنده – الدروس والتحصيل – مقدم على النافلة – النشاط . الإبداع ….. – والإبداع ترف والدرجات العليا شرف . وليس في الإمكان أبدع مما كان .

( هذا طبعا : للأسف وبكل حرقة ومرارة )

طبعا : الحديث عن الطلاب الجادين المهمومين المحترمين . فماذا عن الطلاب الغائبين المغيبين عن كل شيء إلا السبل المجهولة المفضية إلى الهاوية ؟!!! : فراغا وبطالة وإدمانا وعنفا وتخريبا وهدما للوطن وضياعا لمقدراته ( أبناؤنا إذا لم يجدوا تربية كريمة حانية جادة أصبحوا قنابل موقوتة وخناجر حادة في ظهر الوطن )

البعد الثالث في المسؤولية عن النجاح وتحصيل الدرجات : الآباء والأمهات الذين يعلنون الطوارئ في بيوتهم فيحرمون أنفسهم من الطيبات وطيب الأوقات وجميع الملذات . فالدروس أولى والطموحات تستحق الفداء بالمال والوقت وكل ماتملك الأسرة .

تحرم الأسرة بقية أولادها من المتعة بحياة طبيعية فكل المباحات ممنوعات حتى ينجح أخوكم او أختكم وتحصل الدرجات . ( أليس هذا استنزاف مكتمل الأركان ؟! )

وتقطع الأنفاس وتحبس أحد عشر شهرا أو يزيد حتى تطلق صافرة إعلان النتيجة ( وما أدراك بتلك اللحظات : أحاسيس ومشاعر وأعصاب )

الكل ينتظر مصيره ومآله ( هل في القمة المرتقبة أم في القاع المحظور – للكاتب مقال سابق بعنوان : وهم القمة والقاع )

وطبعا لابد ومن الأمانة أن أسجل وأقدر العبء الكؤود الذي يقع على الوزارة : تأليفا للمقررات وإدارة ومتابعة للامتحانات وتصحيحا وإعلانا للدرجات ؟

وقبل ذلك مرتبات وميزانيات .

وماذا بعد ؟

ماالعائد ؟

وما الحل ياسادة ؟!

هل هذا ماتحتاجه بلادنا

الحل من وجهة نظري :

أن تعود المدرسة إلى المدرسة .

فالمدارس بمعانيها ومبانيها .

أن تعود للمعلم مكانته .

أن يأخذ المعلم دوره في الريادة والتوجيه والبناء .

أن يلقى المعلم التكريم اللائق به : أدبيا وماديا .

أعتقد : كلنا يذكر في حياته ويسجل في ذكريات عقله وفؤاده : معلمين نبلاء ومربين فضلاء .

الحل : أن يرتبط المعلم بمدرسته من طابور الصباح إلى جرس انتهاء اليوم الكامل ( على أن يأخذ حقوقه كاملة بما يغنيه عن التفكير مصادر أخرى تؤثر على قيمته الأدبية وصحته النفسية والجسمية و و ….. )

الحل : في العناية بمكتبة الفصل والمدرسة .

الحل : في إعادة وتفعيل مسابقات أوائل الطلبة بين الفصول والمدارس والإدرات ،( أقصد التعميم بذلك لتكون ثقافة مجتمع ولا أقصد الحالات الفردية )

الحل : في العناية بالرحلات المدرسية الممنهجة الهادفة التي يدرك طلابنا من خلالها عظمة بلادهم وتاريخها العظيم الضارب بشرف في أعماق الزمان والمكان .

إن الرحلات الهادفة التي يقف فيها طلابنا على عظمة الحضارة المصرية بكل أشكالها ومراحلها من شمال البلاد إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها . أعتقد أنها أفضل من حفظ مجلدات التاريخ – وكما قيل : ليس راء كم سمع –

إن هذه الرحلات تربي في أبنائنا الانتماء والوطنية دون محاضرات ومن غير محفوظات ( لماذا لاتعد خطة على مستوى المراحل التعليمة العامة والأزهرية والفنية . خطة يطلع فيها أولادنا منذ المرحلة الابتدائية حتى الجامعة على جميع متاحفنا ومظاهر حضارتنا وموروثاتنا الثقافية وكذلك المنجزات الحضارية المعاصرة . ( المصانع ومؤسسات الإنتاج والمؤسسات الثقافية والدينية والتعليمية والرياضية وغيرها…….) على أن يتم ذلك من المرحلة الابتدائية حتى الجامعة ابتداء من البيئة المحلية ……. على مستوى القرية والمركز والمحافظة والدولة . .. ..

هل هذا مستحيل ؟!

هل هذا كثير على أولادنا وشبابنا ؟!

أليس هذا طريق عملي لبناء الوطنية في نفوس أولادنا ؟

أليس هذا أولى من التشدق بالشعارات الرنانة الجوفاء.

الحل : أن تعود الأنشطة إلى المدرسة . ( ثقافية و رياضية وفنية واجتماعية……)

الحل : أن تعود المحاسبية المنضبطة العادلة إلى المدرسة .

الحل : ان يقام ميزان الحقوق والواجبات للجميع وعلى الجميع .

الحل : أن يعيش أولادنا في مدارسهم حياة تربوية طبيعية :

أخلاقية . تعليمية . اجتماعية . اقتصادية . رياضية . ثقافية . فنية .

عندما تعود المدرسة بحق إلى المدرسة :

سوف تتراجع او تنحسر الجريمة .

سوف تسود الاحترام والأدب . سوف نظومة القيم متكاملة .

سوف تبرز وتصنع القدوات الحسنة المشرفة في كل المجالات . بدلا من شيوع وغلبة القدوات الهابطة – بلطجة وتنمرا وإسفافا باسم الفن …..

سوف يتحقق السلم المجتمعي . حيث تنصهر جميع فئات المجتمع في بيئة تربوية صحية راشدة ترعاها الدولة وتحرسها بالمربين الأمناء والمعلمين الفضلاء أهل الخبرة ومحل الثقة والأمانة .

سوف يسود النظام ويعم الانضباط أركان حياتنا . ( إعادة نظام الشرطة المدرسية )

سوف يقضى على الفوضى والعشوائية والسلبية .

سوف يكون البناء الاقتصادي والاجتماعي ( تفعيل المقصف المدرسي )

سوف تمحى الأمية الأبجدية والثقافية والأخلاقية .

عندما تعود المدرسة إلى المدرسة

سوف تكون المكان المرغوب والمحبب لتلاميذنا وطلابنا .

سوف نسعد بجيل جديد من الشعراء والأدباء والمفكرين والعباقرة والمبدعين .

سوف تكون المدرسة صانعة لجودة حقيقية .

هكذا يكون إعداد المواطن .

وهكذا تكون المدرسة مجتمعا . مصغرا آمنا .

عندها تكون المدرسة جبهة وطنية حقيقة تعد المواطن وتخدم الوطن . تحت رعاية الدولة وبصرها وخبرائها من المربين الكرام أصحاب الهمة العالية والرسالة السامية .

تحية لكل مدرسة تقوم بدورها .

تحية لكل مدرسة تنهض برسالتها .

تحية لكل معلم شريف .

تحية لكل طالب جاد ( بصرف النظر عن نتيجته )

تحية لكل ولي أمر يعرف مسؤوليته تجاه اولاده .

تحية لكل الجاديين المخلصين .

تحية لكل محب لوطنه بأفعاله .

حفظ الله مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ووطننا .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock