بقلم : الدكتورة زينب التهامي
تراجع النظام التعليمى فى مصر خلال السنوات الماضية بدرجة كبيرة فى جميع المراحل التعليمية، وأصبحت الثانوية العامة كشهادة ينهى الطالب بها مرحلة التعليم قبل الجامعى لغزا غامضا، بسبب ارتفاع المجاميع غير الطبيعي وغير المبرر .
وما وصلنا إليه الآن من سوء التعليم هو نتيجة طبيعية لسوء إدارة العملية التعليمية فى مصر، حتى أصبح المعلم ــ وهو أهم عنصر في العملية التعليمية ــ لا يهتم إلا بالدروس الخصوصية.
للوصول إلى تعليم متميز يجب أولا إزالة الحشو من المناهج، وتنمية مهارة الطلاب في كيفية الحصول على المعلومة بأسلوب علمي يعتمد على التفكير والتدقيق والتحليل المنطقي ومن ثم التطبيق، لا الحفظ والتلقين ، كما يجب ربط كل ما يدرس سواء فى كل المواد العلمية أو الأدبية أو حتى فى التربية الإسلامية واللغات بالمجتمع، وحث الطالب دائما على الاطلاع والقراءة فى المجالات التى يحبها حتى تنمي قدرات الطالب التخيلية و الإبداعية والابتكارية وأن تنمي المناهج روح المواطنة وحب المجتمع دون تمييز.
يجب إلغاء الكتب التي يتم تداولها في بعض الكليات النظرية بالجامعات والاعتماد على الكتب المرخصة والتى لها رقم إيداع بدار الكتب والوثائق القومية ، أو مرجع عالمى ومن مكان مرموق و ترسيخ المعلومة فى أذهان الطلبة وأن يكون المدرس لديه القدرة على التواصل وحل بعض المسائل ومناقشتها مع الطلبة بالاستخدام الصحيح لمواقع التواصل الاجتماعي. والأهم هو ترسيخ الأخلاق المدنية من سلوك ومواقف وقيم فى نفسية الطالب ، واعتبار الأخلاق أمرا مرتبطا إلى حد كبير بالتربية السليمة ، و بيئة الشخص ومجتمعه ، وتدريس الأخلاق الدينية في درس الدين وبث روح التسامح والتآخي، عن طريق تنمية هذا الجانب ووضوحه للمعلم و المدرسة، وهذا أمر فى غاية الأهمية لأننا فى أمس الحاجة إلى تربية الطالب تربية أخلاقية سليمة لأن المجتمع أصبح يعانى حاليا أزمة أخلاقية ربما تؤدي إلى انهياره، من أسبابها انحطاط الوعي، وسقوط الأخلاق فى أوساط قطاعات واسعة من هذا المجتمع الذي لم يستطع إلى الآن تنظيم مسيرة حياته السياسية والاقتصادية والثقافية على أساس حضاري وعصرى.
إن القيام بعدة إصلاحات جذرية فى قطاع التعليم بدءا من تحسين وضع المعلم العلمى ، والمهنى والاجتماعى والمالى، وانتهاء بالمبانى والخدمات والمناهج وطرق التدريس مع ضرورة أن يحدد المجتمع هدفا واضحا جليا للتعليم ورسالته ليكون هدفا قوميا تنمويا ، بمعنى أوضح معرفة المجتمع ما يحتاجه من التعليم ، لأنه وسيلة تطبيق فلسفته، وإذا أردنا حقا إنقاذ مجتمعنا من كل آفاته ومشكلاته ، فعلينا بعلاج الجهل لأنه سبب كل سقم مجتمعي.
مع الاعتبار بوضع خطة لدورات تثقيفية للمدرسين مع كبار العلماء والتربويين لتحسين المنظومة التعليمية والقضاء على الخلل الذي أصابها فى الأعوام السابقة من خلال تكنولوجيا المعلومات وتدريب المعلمين على أحدث الوسائل التعليمية لنقلها للطلبة لتخريج جيل قادر على العطاء والإبداع من خلال الهوايات والرغبات الإنسانية وتنميتها لدى الطلاب من خلال عودة النشاط المدرسي وعدم التفريط في حصص النشاط الرياضى لصالح المواد التعليمية.
النهضة الحقيقية لمصر تبدأ بمشروع قومى للتعليم والذى يمثل قاطرة لسائر المشروعات القومية فى مصر، ولذلك من خلال تبني مشروع واضح المعالم من القيادة السياسية لتطوير التعليم لأنها قضية أمن قومى، وإن صح التعليم صحت سائر مؤسسات الدولة لأن التعليم إذا مرض مرضت كل مؤسسات الدولة، وذلك يجب أن تكون قضية التعليم على أولويات أجندة الرئيس فى الأيام المقبلة مع الاهتمام بالتربية والتعليم والبحث العلمى، والمزج بين التعليم والقيم الأخلاقية لبناء أجيال قادرة على تحمل المسئولية الوطنية.
يجب أن يجمع الطالب بين العلوم العربية وتحصيل المعارف الحديثة ، عن طريق دراسة المواد الثقافية ، بحيث لا ينفصل الطالب عما يدور حوله من ثقافات ومعارف وليواكب سوق العمل ، ويكون عضوًا نافعًا لنفسه ومجتمعه ، لتحقيق التوازن المطلوب والخروج من الازدواجية فى المناهج الحالية.